الاسلام والدين البهائي

Islam and the Bahá’í Faith


البهائية... و هل هي احدى الفرق الاسلامية؟


ان اعتقاد البهائين بوحدانية الله عز وجل يستوجب بالطبع أن يؤمنوا بوحدة جميع الاديان السماوية حيث ان مصدرها كلها واحد ، وأهدافها واحدة..."هذا دين الله من قبل ومن بعد"۱.

فمن هذه الناحية وبسبب هذا الإعتقاد، يرى البهائيون لدينهم نسبة وعلاقة إستمرارية مع جميع الأديان السماوية. إلا أن للبهائية علاقة خاصة بالدين الإسلامي لكونه أقرب الأديان اليها عهدا واصولها وجذورها نبعت من تربته. ويمكن أن نقول أن علاقتها به تماثل علاقة الديانة المسيحية بسابقتها -- رسالة موسى (ع)، من حيث إن بدايات اللاحق كانت ضمن إطار الاول. و كان هذا مما دعى البعض أحيانا إلى أن ينظروا الى البهائية وكأنها إحدى فرق أو طوائف الإسلام. (وبما إن هناك بعض الإختلافات النسبية في الأحكام والتفاسير دعاها البعض احيانا بالفرقة الضالة).

ويجب قبل أن نستمر في الكلام هنا، أن نذكر إن تعاليم ومبادئ الدين البهائي تؤكد وبصورة مطلقة وبدون أي تردد بأن دين الإسلام هو دين إلهي منزًل وكتابه القران الكريم هو كتاب إلهي منزًل ومحفوظ ومنزه عن التحريف. ويشهد البهائيون أن محمد (ص) هو عبد الله ورسوله وخاتم أنبيائه۲. وكل من يؤمن بالبهائية أيا كان أصله سواءا كان أصلا من المسيحيين أو اليهود، أم كان أصله بوذيا أم من المجوس أم أي ماتشاء ، لابد أن يعتنق و يقبل هذا الإعتقاد.

و لكن بعد هذه المقدمة، ورغم هذه العلاقة يجب أن نوضح بأن البهائين يعتقدون بأن دينهم هو دين مستقل وله كتبه المقدسة الخاصة به وله شرائعه وقوانينه و مبادئه. وكذلك له مؤسسه (حضرة بهاء الله) الذي يؤمن اتباعه بأنه المظهر الإلهي لهذا العصر.

وإستقلالية الدين البهائي وضحت بداياتها منذ سنة ١٨٤٨ عندما إجتمع ما ينيف عن ٨٠ شخصا من البابيين الأوائل۳ في ناحية بدشت في شمال شرق إيران لكي يتباحثوا في طبيعة عقيدتهم و تبين لهم أن لدينهم شرائع جديدة خاصة به، وكتاب جديد٤. وكان أكثرهم قبل ذلك يرون انفسهم أتباع حركة إصلاحية أتت لتجديد الإسلام، إلا أنهم بعد مؤتمر بدشت أصبحوا ينظرون الى أنفسهم كأتباع دين جديد.

وكان إنتشار العقيدة الجديدة في سنواتها الأولى في بلدان الشرق، وبلدان الشرق الأوسط، ومعظمها من بلدان العالم الإسلامي. وأستمرت لمعظم أتباع هذه العقيدة علاقاتهم الوثيقة بعوائلهم المسلمة وأصدقائهم وأقربائهم وجيرانهم المسلمين. إلا أن ألإعتراضات قامت بشدة على ما كانوا يقومون به من المعاملات والأمور الحياتية اليومية ومنها مثلا عقود الزواج ومراسيم الدفن التي قام بها البهائيون حسب طقوس وتعاليم دينهم وصار أصحاب الأديان الأخرى يرفضون أن يسمحوا لهم بدفن موتاهم في مقابر تلك ألأديان وكان ألأقارب وأهل القرى يصرون على طلاق المرء من زوجته إن كانت، أو كان هو من البهائيين.

ونتيجة إحدى هذه المشاكل كان قرار المحكمة الشرعية العليا في مصر في سنة ١٩٢٥ أن تثبًت حكم إحدى المحاكم الصغرى في الجنوب، وأعلنت رسميا بأن الدين البهائي هو دين مستقل منفصل(وحسب رأي المحكمة) يختلف في طبيعته وشرائعه كل الإختلاف عن الإسلام ولايمكن التوفيق بين تعاليمه وبين ما يعتقد به أتباع أي مذهب إسلامي.

تبع ذلك سماح العديد من البلدان الإسلامية للبهائيين أن يدفنوا موتاهم في مقابرهم الخاصة ويدبروا اغلب أمورهم الشخصية بواسطة تشكيلاتهم الإدارية وحسب شريعتهم ومراسيمهم.

ونرى هنا إن كلى الطرفين، البهائيين والمسلمين (وتمثلهم المحكمة الشرعية العليا)، قد إتفقا على إن الدين البهائي هو دين مستقل وليس من المذاهب والفرق الإسلامية.



"انّ ربّكم الرّحمن يحبّ اَن يری من في الاكوان كنفسٍ واحدةٍ و هيكل واحدٍ ان اغتنموا فضل اللّه و رحمته في تلك الايّام الّتی ما رأت عين الابداع شبهها طوبی لمن نبذ ما عنده ابتغاءِ لما عند اللّه نشهد انّه من الفائزين".
- حضرة بهاء الله
%
تقدم القراءة