الاسلام والدين البهائي

Islam and the Bahá’í Faith


الآية الكريمة (ضمن سورتها)


من المعلوم أن عرب الجاهلية والمسلمون الأوائل في المدينة المنورة وحوالي مكة المكرمة، كانت تسكن قربهم قبائل من اليهود وكان لهم معهم إتصالات وتبادلات إجتماعية وتجارية مستمرة ولزمن طويل. وكذلك مع النصارى في أرض الشام ومنهم كانت فكرة التوحيد مثلا مألوفة عند العرب ولو لم يؤمنوا بها. ومنهم كانت لهم أيضا بعض المعرفة بأخبار الأنبياء وقصصهم. ونرى في بعض الأحاديث النبوية الشريفة ما يؤكد فيها حضرة الرسول(ص) لأتباعه بأن ما إعتاد عليه اليهود وما توقعه بعض المسلمين الأوائل من توالي الأنبياء بعد حضرته كما كان في مجيئ إسحاق ويعقوب وحزقيال وزكريا وسليمان وداود وغيرهم عليهم السلام (مما يزيد عن الأربعين نبيا أتوا بعد موسى عليه السلام)، يؤكد حضرته بأن هذا سوف لن يحصل في دين الإسلام بل سيكون للإسلام طابعه المستقل وطريقته الخاصة (وهي الخلافة) كما نرى مثلا في هذا الحديث الشريف في صحيح البخاري (وعدة من كتب الحديث الأخرى):

حدثني محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات القزاز قال سمعت أبا حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم. حديث ٣١٩٦ - صحيح البخاري - أحاديث الأنبياء - ما ذكر عن بني إسرائيل.

وكذلك منقول عن حضرته:


"علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"


والآن نرجع الى الآية رقم ٤٠ في سورة الأحزاب والتي فهم منها أغلب الناس معنى ختم النبوة المطلق. ويجب ان ندرس هذا الموضوع و نحاول فهمه في إطار التاريخ والضروف التي رافقت إنزال هذه الآية. ومن المهم أن لا نأخذ هذه الآية لوحدها منفصلة عن باقي السورة لكي لا نكون ممن(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه - النساء ٤٥)

ومن المعلوم بأن حضرة الرسول(ص) كان لم يعش له أي من أبنائه فقد توفاهم الله جميعا وهم في أوائل عمرهم. وكان حضرته قد تبنى زيد ابن الحارثة ورباه كأحد أبنائه، فقام الناس يدعوه زيد ابن محمد وكان بعضهم يخمن بأن زيدا كان سيخلف حضرة الرسول في رتبة النبوة لأن هذا كان السائد عند جيرانهم بني إسرائيل، فنرى في الآيتين ٤ و ٥ في نفس السورة أن الباري عز وجل نهاهم عن هذا ودعاهم الى أن يدعوا الأبناء لآبائهم:


"...وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل {٤} ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله..." {٥} (الاحزاب)


وكذلك نقرأ في التاريخ بأن بعد طلاق زيد من زوجته بفترة، تزوجها الرسول(ص) فقام عليه البعض معترضين وتسائلوا كيف يمكن لرسول الله أن يتزوج من مطلقة إبنه وهو حرام، فنزلت الاية الكريمة بأن حضرته لم يكن ابا احد من رجالهم وبأن لن يخلفه في النبوة أحد. (أي لا زيد ولا غيره). وبنزول هذه الآية الكريمة "نهى أن يقال بعد هذا زيد بن محمد أي لم يكن أباه وإن كان قد تبناه" كما جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية.

وهناك ايضا هذا الحديث الشريف:

حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن بشر حدثنا إسماعيل قلت لابن أبي أوفى رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال مات صغيرا ولو قضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي عاش ابنه ولكن لا نبي بعده ونقرأ في فتح الباري بشرح صحيح البخاري:

قوله: (ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده) هكذا جزم به عبد الله بن أبي أوفى. ومثل هذا لا يقال بالرأي، وقد توارد عليه جماعة: فأخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس قال " لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال: إن له مرضعا في الجنة، لو عاش لكان صديقا نبيا، ولأعتقت أخواله القبط " - حديث ٥٧٢٦ صحيح البخاري - الأدب - من سمى بأسماء الأنبياء



"انّ ربّكم الرّحمن يحبّ اَن يری من في الاكوان كنفسٍ واحدةٍ و هيكل واحدٍ ان اغتنموا فضل اللّه و رحمته في تلك الايّام الّتی ما رأت عين الابداع شبهها طوبی لمن نبذ ما عنده ابتغاءِ لما عند اللّه نشهد انّه من الفائزين".
- حضرة بهاء الله
%
تقدم القراءة